سلسلة دروس تعلم الحاسب الألى بإسلوب علمى من الألف إلى الياء
تاريخ الحاسب الألى
ملحوظة : أبدأ بمشيئة الله تعالى أبدأ تلك السلسلة من بداية الإنسان و حتى وقتنا الحالى متعرضا لمعظم تايخ الكمبيوتر و برامجه بأشياء من التفصيل و بما فى ذلك تعلم تطور الإلكترونيات و الكمبيوتر و البرمجة و الجرافيك و الشبكات .....
بسم الله الرحمن الرحيم
يرجع معظم العلماء و خبراء الكمبيوتر نشأة الكمبيوتر و تطوره إلى ما بعد خلق الإنسان أو بالأحرى مع بداية إستقرار الإنسان البدائى و إنتقاله من حياة التجوال بحثاً عن المأكل و المشرب إلى حياة الإستقرار و اتخاز الكهوف سكناً له
حيث انه كان لازماً عليه تطوير اسلوب معيشته من مجرد العثور على طعامه اثناء تجواله فى الأرض إلى توفير هذا الطعام من خلال تربيته للماشية و زراعتة للأرض للتكيف مع وضعه الجديد و هو الأستقرار فيما يشبه الأكواخ و الكهوف
و بذلك بدأ هذا الإنسان البدائى فى الزراعة و رعى الماشية و الأغنام و عندما زاد انتاجه من الزراعة و رعى الماشية واجه مشكلة ( عد ) ما يملكه من ثروات زراعية و حيوانية و مع ظهور تلك المشكلة كانت النواة الحقيقية التى اودت بالبشرية أجيال بعد أجيال إلى اختراع الحاسب الألى
و تصور العلماء من خلال ما وجدوه من آثار حقبة الإنسان البدائى أن ذلك الإنسان بدأ أول خطواته لحل تلك المشكلة بأن يعد و يحسب إنتاجه و ثرواته من خلال أصابع اليد فأصبح يعد و يحسب مستخدما اصابع اليد ثم ظهرت مشكلة أخرى و هى ان يقوم بحفظ و استذكار ما قد قام بعده و حسابة
لذا فإن ثانى خطوة من خطوات الطريق إلى الحاسب الألى بدأت من انتقال الأنسان من الحساب مستخدما يده إلى الحساب و العد بالإستعانة بالحصى الصغير و أعواد الخشب الصغيرة ليرمز إلى الحيوانات بالحصى ( أى عندما يعد حيواناً فإنه يضع قطعة من الحصى ) و بالتالى فإن مجموع تلك الحصوات يكون مساويا لمجموع ما لدية من ثروة حيوانية و كذلك الأمر بالنسبة إلى الزراعة حيث أنه لجأ لتمثيل كمية معينة من ناتج الزراعة بعود من الخشب و عند انتهاءه من تمثيل المحاصيل بعيدان الخشب يصبح لدية عدد معين من العيدان مساويا لما لدية من الناتج من الزراعة
مختصر ما سبق : ان الأنسان عندما بدأ حياة الإستقرار بدأ يوفر غذائة عن طريق الزراعة و رعى الماشية ثم واجه مشكلة عد و حساب ثرواته فلجأ إلى العد مستخدما اصابع اليد ثم استخدم العصا و الحصى للعد
بدأ الإنسان إلى اللجوء إلى طرق اخرى غير طريقة العد عن طريق استخدام العصى و الحصى و ذلك من خلال استخدامه لتمثيل الكمية التى مثلها بعصى واحدة أو بقطعة واحده من الحصى برمز كتبة على جدران الكهف الذى يسكنه و تمثل هذا الرمز فى ( | ) للرقم واحد و ( || ) للرقم اثنان و هكذا فيما عرف بعد ذلك بعلامات ( تاللى )
و هذه صور حقيقية لإحدى الكهوف و منقوش على جدرانها أول نظام للعد عرفته البشرية
الدرس الثانى
كانت الأشكال الأولى للأرقام عبارة عن رموز تتكون من خطوط (بعضها غير مستقيم) عمودية أو أفقية ( تاللى مارك)، كل خط منها يساوي 1. و كان ذلك قبل أكثر من 8,000 سنه قبل الميلاد لكن هذه الأشكال صارت شيئا فشيئا لا تفي بحاجيات الناس لكتابة الأعداد الكبيرة
و لذلك توالت عملية تطوير لطرق كتابة تلك الأرقام جيل بعد جيل إلى أن طور المصريون القدماء تلك الأرقام قبل 4400 سنة قبل الميلاد بأن استحدثوا رمزاً خاصا لكتابة الرقم 10 و بذلك لكتابة العدد 11 مثلا لا يتطلب سوى رقمين (بدل 11 رقما). وكان العدد 99 قبل ذلك الوقت يتطلب 99 رمزا فأصبح لا يتطلب أكثر من 18 رمزا أو رقما. ثمّ أدخل المصريون رموزا أخرى لتغطية كل الأرقام من 1 إلى 10، وأضافوا إليها بعض مضاعفات 10. وبطبيعة الحال، فلو كان النظام العشري هو القائم آنذاك لما احتاجوا إلى إضافة مضاعفات 10.
وقد كتبت الأرقام 1، 2، 3 في شكل خطوط عمودية متجاورة، وكان الخط الأفقي مثلا يمثّل عندهم الرقم 4. ورمز المصريون لـ 8 بخطين أفقيين أحدهما فوق الآخر، أما العشرة فكانت على شكل حدوة، والألف على شكل زهرة اللوتس، والمائة على شكل لفافة مطوية، والعشرة آلاف على شكل إصبع معقوف، والمائة ألف على شكل سمكة، والمليون على شكل رجُل رافع يديه، والعشرة ملايين على شكل رأس إنسان
والملاحظ عند قدماء المصريين أن موقع الرقم في كتابة العدد لا يهمّ في هذه الحالة، وترتيب الأرقام أيضا لا يؤثر في قراءة العدد ... فلا معنى لديهم لمرتبة الآحاد ولا لمرتبة العشرات، الخ.
اتى فى المراحل التالية للمصريين فى عملية تطوير طرق كتابة الأرقام كان الرومان و الصينيون
و بعد ان تطورت طرق كتابة الأرقام و معها تم عمل عمليات حسابية بسيطة مثل الجمع و الطرح طور البابليون أول جهاز ليساعدهم فى العمليتين الأساسيتين و هما الجمع و الطرح
هذا الجهاز كان النواة الأولى لسلسلة من الأجهزة التى تخدم العمليات الحسابية و قد سمى بالأباكوس Abacus و ترجع تلك التسمية أن أباكوس (Abacus )كلمة لاتينية ( أباكوس )(Abakos) تأتي من اليونانية (أباكس) (Abax) وتعني اللوح. في اليونانية القديمة كان ذلك عبارة عن لوح مربع من الحجر مغطى بطبقة رقيقة من الرمال الناعمة تستخدم لأجراء عمليات العد والحساب بالرسم على الرمال ثم تمحى
و بعد ذلك انتقل ذلك الجهاز إلى مناطق مختلفة من العالم و طبعا اختلف شكلة و طرق الحساب علية من بلد إلى أخرى حيث انتقل و استخدم فى البلدان التالية : الصين – اليابان – الرومان – روسيا – كوريا – فيتنام – ........ بالمختصر فى معظم دول آسيا و أجزاء من أوروبا و إليكم بعض أشكال ذلك الجهاز
يتبع إن شاء الله
***************************
الدرس الثالث
أحب أن أنوه إلى ان هذا الدرس يحكى بعض التاريخ الخاص بالحساب و عملياته و ذلك لأن الكمبيوتر كما قلنا سابقا قائما على الأساس الأول و هو العد و العمليات الحسابية
فى عام 1780 قبل الميلاد بدأ التوسع بإستخدام بعض العمليات الحسابية و كذلك التوسع فى اساليب التجارة و تبادل السلع بين الناس و الشعوب فى ذلك الوقت مما ادى ذلك إلى اقرار قانون ينظم تلك العمليات التجارية و كذلك بعض العمليات الأخرى سمى هذا القانون بقانون (حمورابى )(Code of Hammurabi)
و قد انشأ البابليون القدامى ذلك القانون و لم يكن كقانون ينظم علاقة معينة او أمر محدد و إنما كان يشبه ما نعرفه اليوم بالدستور المنظم لجميع علاقات الناس مع بعضها
و بين تلك الفترة من الزمن و حتى عام سبعون قبل الميلاد تم استخدام قطع معدنية من الذهب و الفضة و انشاء البنك اليونانى ليعتبر من أوائل البنوك المختصة بالمعاملات التجارية فى العهود القديمة ثم انشاء الجمهورية الرومانية و ظهور مجلس شيوخ و ظهور جيش لها و التعامل بالعملات و الحساب بإستخدام الأباكوس و الكتابة على ورق البردى و انشاء شركة يمكن تملكها
و بالطبع كما عرفنا مما سبق أن أساس الكمبيوتر فى اختراعه كان لحاجة البشر للعد و الحساب بإجراء بعض العمليات الحسابية التى تزداد جيلا بعد جيل فى تعقيدها و بالتالى اللجوء إلى ألات تساعد الأنسان فى عمليات الحساب و لذا تعرضنا و سنتعرض للقليل من تاريخ الحساب و المحاسبة
فى سنة 1 ميلادى تم اقرار نظام للضرائب على رؤوس الأموال فى العصر الذهبى أثناء حكم يوليوس قيصر
و من عام 410 م و حتى الثورة الصناعية بأوروبا ظل الأوروبيون فى عصر سمى بعصر الظلام حيث انه فى ذلك العصر كان من النادر السماع عن أى اختراع اما بالنسبة للذين سادوا العالم فى تلك الفترة كانوا العرب حيث انهم استخدموا نظام للحساب يسمى الحساب بالجمل أى ان كل حرف يوازى رقما معينا و بالتالى الجملة تساوى مجموعة من الأرقام
وعودة إلى محور الحساب الذي يهمنا في هذا الموضوع، فإن أغلب الروايات تقول بأن الأرقام الهندية دخلت إلى الدولة الإسلامية في عصر الخليفة المنصور بعد وفود بعثة هندية كان من بينها عالم فلكي يدعى "كانكه"".
فكما أوردت سيكريد هانك في كتابها "شمس الله تلمع على الغرب"، فإن إبن الأديم كتب ما يلي: "في عام 151هـ وقف بحضور الخليفة المنصور رجل من الهند، وكان عالما بطريقة الحساب ’السندهند‘ التي تتعلق بحركات الكواكب. وكان يحمل معه كتابا أخذه من المجموعة التي تحمل إسم الملك "فيجار"‘.
وقد أعطى المنصور الأوامر بترجمة ذلك الكتاب للعربية، وتكوين من خلاله مؤلف يستعمله المسلمون لدراسة حركة الكواكب. وقد كلف محمد إبن إبراهيم الفزاري بهذه المهمة حيث ألف على نهجه كتابه ’السندهند الكبير‘، وكلمة السندهند تعني الخلود.
فأصبح ’السندهند الكبير‘ الكتاب الأساسي لفلكيين تلك الفترة إلى عهد المأمون".
والكتاب الذي أتى به "كانكه" ما هو إلا كتاب "سيدهانتا" لعالم هندي يسمى "براهماكيبتا"".
لكن هناك رواية أخرى تقول بأن الأرقام الهندية أدخلها راهب يسمى "سويسر سيبخت"، حوالي عام 622م، من الهندية إلى السريانية ومن ثم إلى العربية.
ومهما يكن من أمر هاتين الروايتين، فإن الفزاري ألف كتابه "السندهند الكبير" أو كما يطلق عليه "الزيج الكبير". لكن عامة الناس لم يستعملوا هذه الأرقام في تعاملاتهم التجارية والإدارية، بل إقتصر فقط على الفلكيين وقد إستعملوا في ذلك لغة الهنود التي هي السنسكريتية.
ولعل العامل الأساسي وراء عدم ولوج الأرقام الهندية للحياة العامة هو أن الكتاب المترجم لم يكن يتطرق لعلم الحساب بمعنى الكلمة. فقد تطرق لذكر الصفر والعدد الإيجابي والعدد السلبي بصفة غير مباشرة، ولم يكن ذلك بكاف .
إضافة إلى ذلك فإن الهنود لم تكن أرقامهم موحدة، وكانت تختلف من منطقة لأخرى بل ومن ناسخ لأخر. وقد أشار إلى ذلك البيروني في كتابه "تحقيق ما للهند". فما كان يعني رقم إثنين عند أحد، كان يفهم ثلاثة أو سبعة أو حتى تسعة عند آخر. وقد دفع هذا الفلكيين الهنود إلى إستعمال في مؤلفاتهم، التي كانت عبارة عن أبيات شعرية، عبارات دالة على هذه الأرقام، ككلمة الأرض أو القمر للتعبير عن الرقم 1، والثنائية للتعبير عن الرقم 2 إلى غير ذلك
وفي عصر المأمون، إزدادت حاجة الناس إلى طريقة تسهل عليهم ما صعب في تقسيم مواريثهم ووصاياهم وتجاراتهم وإداراتهم. فكلف المأمون أحد أئمة العلماء في عصره محمد بن موسى الخوارزمي، الذي جذبهم المأمون إلى بلاطه، ليألف كتابا يكون مرجعا للناس وخلفا لما عهده الناس من أنظمة للحساب.
وقد أوضح ذلك الخوارزمي في أحد كتبه التي ألفها حيث كتب: "وقد شجعنا ما فضل الله به الإمام (المأمون) أمير المؤمنين من الخلافة التي حاز له إرثها، وأكرمه بلباسها، وحلاه بزينتها، من الرغبة في الأدب وتقريب أهله وأبنائهم، وبسط كنفه لهم، ومعونته إياهم على إيضاح ما كان مشتبهًا وتسهيل ما كان مستوعرًا.
على أني ألفت من كتاب الجبر والمقابلة كتابًا مختصرًا، حاصرًا للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقسماتهم وأحكامهم وتجاراتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأراضي وكري الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه، مقدمًا لحسن النية فيه، راجيًا لأن ينزله أهل الأدب بفضل ما استودعوا منه نعم الله ـ تبارك وتعالى ـ وجليل آلائه وجميل بلائه عندهم منزلته، وبالله توفيقي في هذا وفي غيره، وعليه توكلت وهو رب العرش العظيم""
وكان الخوارزمي مهتما بالفلك، فقام بدراسة عن كثب لكتاب "السندهند الكبير"، وألف من خلاله ومن خلال أبحاثه الخاصة كتابين خلدا إسمه في التاريخ هما :
- كتاب "حساب الجبر والمقابلة"، الذي من خلاله أقتبس إسم "ألجيبر" حاليا. وقد أعطى فيه توجيهات وطرق لحل ما صعب على الناس من أمورهم الخاصة، كما ضمنه بأمثلة تطبيقية.
كتاب "الجمع والطرح بالحساب الهندي"، وقد وصل هذا الكتاب إلى الأندلس وترجم بعد ذلك إلى اللاتينية في بداية القرن 12م.
والترجمة بدأت على النحو التالي: "هكذا يقول ألغوريتمي: وجهوا لله، ربنا وحامينا، الحمد الذي يستحقه". وقد حُمِل الكتاب المترجم إلى ألمانيا حيث يوجد في مكتبة "وينير هوفبيبليوطيك"، وتعود هذه النسخة إلى عام 1143م. وقد عُثر على نسخة أخرى بعنوان "كتاب ألغوريزميس" داخل مسكن أحد الرهبان يسمى "ساليم"، وهي محتفظ بها في هيدالبرج.
وهكذا فإن إسم الخوارزمي تحول من "ألغوريتمي" إلى "ألغوريزميس" إلى الإسم الذي نعرفه حاليا "ألغوريثم"، ولا حاجة لنا في الخوض فيما عرفه هذا الإسم، وليس هو فقط بل اللائحة طويلة، من تزييف ومغالطة من قبل بعض علماء الغرب الذين نسبوا لأنفسهم مجهودات غيرهم. فعلى عكس العلماء المسلمين الذين كانوا يحرصون على ذكر مصاديرهم، فإن علماء العصور الوسطى للغرب وعصر النهضة الأوروبية كان أكثرهم حريصا على إخفاء مصاديره التي كانت جلها مؤلفات علماء الإسلام.
وبمجهودات هذا العالم، فقد تخلى المسلمون عن الأنظمة السابقة في الحساب، وغيروها بما قام به الخوارزمي وظهر لديهم نظام ترقيم موحد. وقد نتج عنه سلسلتين من الرموز، أحداها أستعملت في الشرق وتسمى "الأرقام الشرقية"، والأخرى في المغرب والأندلس وتسمى "الأرقام الغبارية" أو كما يطلق عليها "الأرقام الأوروبية؟!"
وقد برز جيل جديد من علماء الرياضيات والحساب، نذكر من بينهم على سبيل المثال لا العد: أبو كامل المصري، خليفة الخوارزمي، وعمر الخيام والبيروني وإبن سينا وسنان بن الفتح الحراني، الذي شرح في كتابه "كتاب الجمع والتفريق" كيفية إجراء عمليات الضرب والقسمة باستخدام عمليات الجمع والطرح، وإبن يونس الصدفي، الذي كانت أعماله بمثابة اللبنة الأولى للوغاريتمات، وإبن حمزة المغربي، الذي وضع الحجر الأساس لهذا الصنف من العلوم قبل أن ينسبه لنفسه السويسري "جون نابيير""
ولا ننسى أن نذكر إسم الكاشي الذي ألف موسوعة في الرياضيات والحساب سماه "مفتاح الحساب"، والذي أراد له أن يكون مرجعا في تدريس الحساب للطلاب.
خلاصة القول، فإن ما قام به علماء الحضارة الإسلامية في هذا المجال، أعطى إنطلاقة أخرى أكثر حيوية في علم الحساب؛ مما فتح الباب على مصراعيه لظهور النظريات لتألية الحساب من خلال خلق تقنيات للحساب، كتقنية شبكة الضرب.
وهذه التقنية أهميتها جد كبيرة لأنها كانت وراء ظهور أول الحواسب الميكاصداقةية ، إن شاء الله. وقد أستعملت هذه التقنية في كتاب "مفتاح الحساب" للكاشي (القرن 15م)، إلا أن تاريخ ظهورها يعتقد أنه في القرن 12م.
أما في مجال الآليات، فإن علماء الحضارة الإسلامية ذهبوا بحثا عن أبحاث هيرون والتي لم يتم إتلافها بعد تدمير الإسكندرية وقد أهدى هارون الرشيد، عام 809م أول آلية ميكاصداقةية إلى شارلوماني وكانت عبارة عن ساعة متحركة
وقد ظهر في القرن 3هـ/9م في هذا المجال أسماء لثلاث أخوة هم أبناء لموسى بن شاكر، وكان فلكيا ومنجما للخليفة المأمون. وبعد وفاة والدهم فقد تكفل بهم المأمون، حيث كلف هذا الأخير إسحاق إبن إبراهيم المصعبي بالعناية بهم ودمجهم في بيت الحكمة.
وعُرف هؤلاء الأخوة الثلاثة بإسم "بني موسى"، وكانوا يسمون محمد وأحمد والحسن. ورغم أنه من الصعب التفرقة بينهم من حيث أعمالهم، لأنهم كانوا جد متضامنين بينهم، فإن أحمد برع في مجال الميكاصداقة والآليات. وقد ألفوا كتابا من بين الكتب التي ألفوها يسمى "كتاب الحيل"، الذي جمع المعارف القديمة في مجال الآليات إضافة إلى تجاربهم وإبتكاراتهم الخاصة. وهكذا فإن مجال الآليات عرف إنتعاشة جديدة بظهور آليات أكثر تطورا وإتقانا.
وكانت علاقاتهم مع معاصريهم من العلماء طيبة ما عدى الكندي. فقد كانت بينهم وبينه مشاحنات عديدة، وقد أغروا به عند المتوكل وإستولوا على مكتبته. ولم يعيدوها له إلا بعد أن كانت حياتهم مهددة بالخطر عندما أخطأ أحمد بن كثير الفرغاني، الذين كلفوه بشق قناة تسمى الجعفري، في تحديد منسوب الماء في القناة فلم تكن تمتلئ بالماء للعمق المطلوب لأنها كانت أعلى من النهر. فهرعوا إلى سند بن علي، وكان مهندسا بارعا وصديقا للكندي، فإشترط عليهم إعادة ما أخذوه من الكندي.
وفي القرن 6هـ/12م ظهر في هذا المجال إسم بديع الزمان أبو العز إبن إسماعيل، المعروف بالجزري، كناية عن الجزيرة الواقعة بين دجلة والفرات والتي كان أحد أبنائها و قد ألف الجزرى كتاب سمي ب " رسالة الجزرى "
و في كتاب رسالة الجزاري الذي يتضمن سردا للأجهزة الآلية التي اخترعها العرب - وصفا لأحد هذه الأجهزة و التي أطلق عليها نافورة الطاووس التي كانت تستخدم لغسل الأيدي ، فتقدم المياه و الصابون و المنشفة آليا.وبسبب هذا الاختراع يطلق على الجزاري (بأبي الانسان الآلي).(انظر ويكيبيديا الانجليزية)
وقد ألف سنة 1206م كتابا سماه "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" بطلب من الملك ناصر الدين أبو الفتح، أحد ملوك ديار بكر. وقد لخص فيه بين النظريات والتطبيقات الميكاصداقةية. وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية عام 1974 من طرف المهندس البريطاني "دونالد هيل"، وقد كتب يقول: "من المستحيل عدم ذكر أهمية أعمال الجزاري في مجال الهندسة، فقد أثراه بمجموعة من التعليمات في تصميم، وصناعة وتركيب مجموعة من الآليات
وبالفعل فإن كتابه وصف فيه العديد من الآليات منها ساعات دقيقة، وآلات قياس، ونافورات ميكاصداقةية، وآلات رافعة للمياه إلى غير ذلك.
وقبل أن نختم موضوعنا في هذا المجال، فلا ننسى أن نذكر العالم تقي الدين المولود بدمشق سنة 1525م، وذلك في عصر الدولة العثمانية. وقد ألف كتابا له سماه "سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الملك الدوار". ولمعرفة المزيد عن أعماله وأعمال الجزاري فيمكن النظر في موقع "التراث الإسلامي"
وخلاصة القول، فإن الحضارة الإسلامية قدمت خدمة جليلة للإنسانية على العموم وللعلم على الخصوص؛ لكن الخلافات والحروب التي إندلعت، وسطوت الشعودة والخرافات، بدون أن ننسى عدم الإهتمام بالعلم والعلماء، جعلت هذه الحضارة غير قادرة على مواكبة الركب الحضاري.
ملخص لما سبق :
- التوسع بإستخدام العمليات الحسابية و أساليب التجارة و ظهور القانون التنظيمى للعلاقات و المسمى " قانون حمورالى " عام 1780 ق.م
- تم استخدام القطع المعدنية من الذهب و الفضة كعملات عام 70 ق.م
- تم اقرار نظام الضرائب و تحديد و ازدهار التجمع الذى يعرف بالدولة بقيادة يوليوس قيصر عام 1 م
- بداية عصر الظلام فى البلاد الأعجمية و سيطرة العرب على الأختراعات و المجالات العلمية و ترجمة بعض الكتب البابلية و اليونانية و الهندية السحيقة و تعلمها و بذلك تفوق العرب فى العلوم أدت بنهوض الحضارات الغربية اللاحقة عام 410 م
- تم استحداث الصفر فى الأرقام و تأليف المرجع العظيم و الكتاب الجليل " كتاب السندهند " و بداية ظهور صفوة الصفوة للعلماء المسلمين و على رأسهم العالم الجليل " الخوارزمى " 600 م
***** الكتاب العربى " مفتاح الحساب " للعالم الكاشى و تقنيته المعروفة بتقنية شبكة الضرب كانت الأساس العلمى وراء ظهور أول الحواسيب " الكمبيوتر " الميكاصداقةية
***** العالم العربى الجليل الجزارى اخترع " ألة نافورة الطاووس " جعلته يلقب ب (" أبو الإنسان الألى ")
تاريخ الحاسب الألى
ملحوظة : أبدأ بمشيئة الله تعالى أبدأ تلك السلسلة من بداية الإنسان و حتى وقتنا الحالى متعرضا لمعظم تايخ الكمبيوتر و برامجه بأشياء من التفصيل و بما فى ذلك تعلم تطور الإلكترونيات و الكمبيوتر و البرمجة و الجرافيك و الشبكات .....
بسم الله الرحمن الرحيم
يرجع معظم العلماء و خبراء الكمبيوتر نشأة الكمبيوتر و تطوره إلى ما بعد خلق الإنسان أو بالأحرى مع بداية إستقرار الإنسان البدائى و إنتقاله من حياة التجوال بحثاً عن المأكل و المشرب إلى حياة الإستقرار و اتخاز الكهوف سكناً له
حيث انه كان لازماً عليه تطوير اسلوب معيشته من مجرد العثور على طعامه اثناء تجواله فى الأرض إلى توفير هذا الطعام من خلال تربيته للماشية و زراعتة للأرض للتكيف مع وضعه الجديد و هو الأستقرار فيما يشبه الأكواخ و الكهوف
و بذلك بدأ هذا الإنسان البدائى فى الزراعة و رعى الماشية و الأغنام و عندما زاد انتاجه من الزراعة و رعى الماشية واجه مشكلة ( عد ) ما يملكه من ثروات زراعية و حيوانية و مع ظهور تلك المشكلة كانت النواة الحقيقية التى اودت بالبشرية أجيال بعد أجيال إلى اختراع الحاسب الألى
و تصور العلماء من خلال ما وجدوه من آثار حقبة الإنسان البدائى أن ذلك الإنسان بدأ أول خطواته لحل تلك المشكلة بأن يعد و يحسب إنتاجه و ثرواته من خلال أصابع اليد فأصبح يعد و يحسب مستخدما اصابع اليد ثم ظهرت مشكلة أخرى و هى ان يقوم بحفظ و استذكار ما قد قام بعده و حسابة
لذا فإن ثانى خطوة من خطوات الطريق إلى الحاسب الألى بدأت من انتقال الأنسان من الحساب مستخدما يده إلى الحساب و العد بالإستعانة بالحصى الصغير و أعواد الخشب الصغيرة ليرمز إلى الحيوانات بالحصى ( أى عندما يعد حيواناً فإنه يضع قطعة من الحصى ) و بالتالى فإن مجموع تلك الحصوات يكون مساويا لمجموع ما لدية من ثروة حيوانية و كذلك الأمر بالنسبة إلى الزراعة حيث أنه لجأ لتمثيل كمية معينة من ناتج الزراعة بعود من الخشب و عند انتهاءه من تمثيل المحاصيل بعيدان الخشب يصبح لدية عدد معين من العيدان مساويا لما لدية من الناتج من الزراعة
مختصر ما سبق : ان الأنسان عندما بدأ حياة الإستقرار بدأ يوفر غذائة عن طريق الزراعة و رعى الماشية ثم واجه مشكلة عد و حساب ثرواته فلجأ إلى العد مستخدما اصابع اليد ثم استخدم العصا و الحصى للعد
بدأ الإنسان إلى اللجوء إلى طرق اخرى غير طريقة العد عن طريق استخدام العصى و الحصى و ذلك من خلال استخدامه لتمثيل الكمية التى مثلها بعصى واحدة أو بقطعة واحده من الحصى برمز كتبة على جدران الكهف الذى يسكنه و تمثل هذا الرمز فى ( | ) للرقم واحد و ( || ) للرقم اثنان و هكذا فيما عرف بعد ذلك بعلامات ( تاللى )
و هذه صور حقيقية لإحدى الكهوف و منقوش على جدرانها أول نظام للعد عرفته البشرية
الدرس الثانى
كانت الأشكال الأولى للأرقام عبارة عن رموز تتكون من خطوط (بعضها غير مستقيم) عمودية أو أفقية ( تاللى مارك)، كل خط منها يساوي 1. و كان ذلك قبل أكثر من 8,000 سنه قبل الميلاد لكن هذه الأشكال صارت شيئا فشيئا لا تفي بحاجيات الناس لكتابة الأعداد الكبيرة
و لذلك توالت عملية تطوير لطرق كتابة تلك الأرقام جيل بعد جيل إلى أن طور المصريون القدماء تلك الأرقام قبل 4400 سنة قبل الميلاد بأن استحدثوا رمزاً خاصا لكتابة الرقم 10 و بذلك لكتابة العدد 11 مثلا لا يتطلب سوى رقمين (بدل 11 رقما). وكان العدد 99 قبل ذلك الوقت يتطلب 99 رمزا فأصبح لا يتطلب أكثر من 18 رمزا أو رقما. ثمّ أدخل المصريون رموزا أخرى لتغطية كل الأرقام من 1 إلى 10، وأضافوا إليها بعض مضاعفات 10. وبطبيعة الحال، فلو كان النظام العشري هو القائم آنذاك لما احتاجوا إلى إضافة مضاعفات 10.
وقد كتبت الأرقام 1، 2، 3 في شكل خطوط عمودية متجاورة، وكان الخط الأفقي مثلا يمثّل عندهم الرقم 4. ورمز المصريون لـ 8 بخطين أفقيين أحدهما فوق الآخر، أما العشرة فكانت على شكل حدوة، والألف على شكل زهرة اللوتس، والمائة على شكل لفافة مطوية، والعشرة آلاف على شكل إصبع معقوف، والمائة ألف على شكل سمكة، والمليون على شكل رجُل رافع يديه، والعشرة ملايين على شكل رأس إنسان
والملاحظ عند قدماء المصريين أن موقع الرقم في كتابة العدد لا يهمّ في هذه الحالة، وترتيب الأرقام أيضا لا يؤثر في قراءة العدد ... فلا معنى لديهم لمرتبة الآحاد ولا لمرتبة العشرات، الخ.
اتى فى المراحل التالية للمصريين فى عملية تطوير طرق كتابة الأرقام كان الرومان و الصينيون
و بعد ان تطورت طرق كتابة الأرقام و معها تم عمل عمليات حسابية بسيطة مثل الجمع و الطرح طور البابليون أول جهاز ليساعدهم فى العمليتين الأساسيتين و هما الجمع و الطرح
هذا الجهاز كان النواة الأولى لسلسلة من الأجهزة التى تخدم العمليات الحسابية و قد سمى بالأباكوس Abacus و ترجع تلك التسمية أن أباكوس (Abacus )كلمة لاتينية ( أباكوس )(Abakos) تأتي من اليونانية (أباكس) (Abax) وتعني اللوح. في اليونانية القديمة كان ذلك عبارة عن لوح مربع من الحجر مغطى بطبقة رقيقة من الرمال الناعمة تستخدم لأجراء عمليات العد والحساب بالرسم على الرمال ثم تمحى
و بعد ذلك انتقل ذلك الجهاز إلى مناطق مختلفة من العالم و طبعا اختلف شكلة و طرق الحساب علية من بلد إلى أخرى حيث انتقل و استخدم فى البلدان التالية : الصين – اليابان – الرومان – روسيا – كوريا – فيتنام – ........ بالمختصر فى معظم دول آسيا و أجزاء من أوروبا و إليكم بعض أشكال ذلك الجهاز
يتبع إن شاء الله
***************************
الدرس الثالث
أحب أن أنوه إلى ان هذا الدرس يحكى بعض التاريخ الخاص بالحساب و عملياته و ذلك لأن الكمبيوتر كما قلنا سابقا قائما على الأساس الأول و هو العد و العمليات الحسابية
فى عام 1780 قبل الميلاد بدأ التوسع بإستخدام بعض العمليات الحسابية و كذلك التوسع فى اساليب التجارة و تبادل السلع بين الناس و الشعوب فى ذلك الوقت مما ادى ذلك إلى اقرار قانون ينظم تلك العمليات التجارية و كذلك بعض العمليات الأخرى سمى هذا القانون بقانون (حمورابى )(Code of Hammurabi)
و قد انشأ البابليون القدامى ذلك القانون و لم يكن كقانون ينظم علاقة معينة او أمر محدد و إنما كان يشبه ما نعرفه اليوم بالدستور المنظم لجميع علاقات الناس مع بعضها
و بين تلك الفترة من الزمن و حتى عام سبعون قبل الميلاد تم استخدام قطع معدنية من الذهب و الفضة و انشاء البنك اليونانى ليعتبر من أوائل البنوك المختصة بالمعاملات التجارية فى العهود القديمة ثم انشاء الجمهورية الرومانية و ظهور مجلس شيوخ و ظهور جيش لها و التعامل بالعملات و الحساب بإستخدام الأباكوس و الكتابة على ورق البردى و انشاء شركة يمكن تملكها
و بالطبع كما عرفنا مما سبق أن أساس الكمبيوتر فى اختراعه كان لحاجة البشر للعد و الحساب بإجراء بعض العمليات الحسابية التى تزداد جيلا بعد جيل فى تعقيدها و بالتالى اللجوء إلى ألات تساعد الأنسان فى عمليات الحساب و لذا تعرضنا و سنتعرض للقليل من تاريخ الحساب و المحاسبة
فى سنة 1 ميلادى تم اقرار نظام للضرائب على رؤوس الأموال فى العصر الذهبى أثناء حكم يوليوس قيصر
و من عام 410 م و حتى الثورة الصناعية بأوروبا ظل الأوروبيون فى عصر سمى بعصر الظلام حيث انه فى ذلك العصر كان من النادر السماع عن أى اختراع اما بالنسبة للذين سادوا العالم فى تلك الفترة كانوا العرب حيث انهم استخدموا نظام للحساب يسمى الحساب بالجمل أى ان كل حرف يوازى رقما معينا و بالتالى الجملة تساوى مجموعة من الأرقام
وعودة إلى محور الحساب الذي يهمنا في هذا الموضوع، فإن أغلب الروايات تقول بأن الأرقام الهندية دخلت إلى الدولة الإسلامية في عصر الخليفة المنصور بعد وفود بعثة هندية كان من بينها عالم فلكي يدعى "كانكه"".
فكما أوردت سيكريد هانك في كتابها "شمس الله تلمع على الغرب"، فإن إبن الأديم كتب ما يلي: "في عام 151هـ وقف بحضور الخليفة المنصور رجل من الهند، وكان عالما بطريقة الحساب ’السندهند‘ التي تتعلق بحركات الكواكب. وكان يحمل معه كتابا أخذه من المجموعة التي تحمل إسم الملك "فيجار"‘.
وقد أعطى المنصور الأوامر بترجمة ذلك الكتاب للعربية، وتكوين من خلاله مؤلف يستعمله المسلمون لدراسة حركة الكواكب. وقد كلف محمد إبن إبراهيم الفزاري بهذه المهمة حيث ألف على نهجه كتابه ’السندهند الكبير‘، وكلمة السندهند تعني الخلود.
فأصبح ’السندهند الكبير‘ الكتاب الأساسي لفلكيين تلك الفترة إلى عهد المأمون".
والكتاب الذي أتى به "كانكه" ما هو إلا كتاب "سيدهانتا" لعالم هندي يسمى "براهماكيبتا"".
لكن هناك رواية أخرى تقول بأن الأرقام الهندية أدخلها راهب يسمى "سويسر سيبخت"، حوالي عام 622م، من الهندية إلى السريانية ومن ثم إلى العربية.
ومهما يكن من أمر هاتين الروايتين، فإن الفزاري ألف كتابه "السندهند الكبير" أو كما يطلق عليه "الزيج الكبير". لكن عامة الناس لم يستعملوا هذه الأرقام في تعاملاتهم التجارية والإدارية، بل إقتصر فقط على الفلكيين وقد إستعملوا في ذلك لغة الهنود التي هي السنسكريتية.
ولعل العامل الأساسي وراء عدم ولوج الأرقام الهندية للحياة العامة هو أن الكتاب المترجم لم يكن يتطرق لعلم الحساب بمعنى الكلمة. فقد تطرق لذكر الصفر والعدد الإيجابي والعدد السلبي بصفة غير مباشرة، ولم يكن ذلك بكاف .
إضافة إلى ذلك فإن الهنود لم تكن أرقامهم موحدة، وكانت تختلف من منطقة لأخرى بل ومن ناسخ لأخر. وقد أشار إلى ذلك البيروني في كتابه "تحقيق ما للهند". فما كان يعني رقم إثنين عند أحد، كان يفهم ثلاثة أو سبعة أو حتى تسعة عند آخر. وقد دفع هذا الفلكيين الهنود إلى إستعمال في مؤلفاتهم، التي كانت عبارة عن أبيات شعرية، عبارات دالة على هذه الأرقام، ككلمة الأرض أو القمر للتعبير عن الرقم 1، والثنائية للتعبير عن الرقم 2 إلى غير ذلك
وفي عصر المأمون، إزدادت حاجة الناس إلى طريقة تسهل عليهم ما صعب في تقسيم مواريثهم ووصاياهم وتجاراتهم وإداراتهم. فكلف المأمون أحد أئمة العلماء في عصره محمد بن موسى الخوارزمي، الذي جذبهم المأمون إلى بلاطه، ليألف كتابا يكون مرجعا للناس وخلفا لما عهده الناس من أنظمة للحساب.
وقد أوضح ذلك الخوارزمي في أحد كتبه التي ألفها حيث كتب: "وقد شجعنا ما فضل الله به الإمام (المأمون) أمير المؤمنين من الخلافة التي حاز له إرثها، وأكرمه بلباسها، وحلاه بزينتها، من الرغبة في الأدب وتقريب أهله وأبنائهم، وبسط كنفه لهم، ومعونته إياهم على إيضاح ما كان مشتبهًا وتسهيل ما كان مستوعرًا.
على أني ألفت من كتاب الجبر والمقابلة كتابًا مختصرًا، حاصرًا للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقسماتهم وأحكامهم وتجاراتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأراضي وكري الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه، مقدمًا لحسن النية فيه، راجيًا لأن ينزله أهل الأدب بفضل ما استودعوا منه نعم الله ـ تبارك وتعالى ـ وجليل آلائه وجميل بلائه عندهم منزلته، وبالله توفيقي في هذا وفي غيره، وعليه توكلت وهو رب العرش العظيم""
وكان الخوارزمي مهتما بالفلك، فقام بدراسة عن كثب لكتاب "السندهند الكبير"، وألف من خلاله ومن خلال أبحاثه الخاصة كتابين خلدا إسمه في التاريخ هما :
- كتاب "حساب الجبر والمقابلة"، الذي من خلاله أقتبس إسم "ألجيبر" حاليا. وقد أعطى فيه توجيهات وطرق لحل ما صعب على الناس من أمورهم الخاصة، كما ضمنه بأمثلة تطبيقية.
كتاب "الجمع والطرح بالحساب الهندي"، وقد وصل هذا الكتاب إلى الأندلس وترجم بعد ذلك إلى اللاتينية في بداية القرن 12م.
والترجمة بدأت على النحو التالي: "هكذا يقول ألغوريتمي: وجهوا لله، ربنا وحامينا، الحمد الذي يستحقه". وقد حُمِل الكتاب المترجم إلى ألمانيا حيث يوجد في مكتبة "وينير هوفبيبليوطيك"، وتعود هذه النسخة إلى عام 1143م. وقد عُثر على نسخة أخرى بعنوان "كتاب ألغوريزميس" داخل مسكن أحد الرهبان يسمى "ساليم"، وهي محتفظ بها في هيدالبرج.
وهكذا فإن إسم الخوارزمي تحول من "ألغوريتمي" إلى "ألغوريزميس" إلى الإسم الذي نعرفه حاليا "ألغوريثم"، ولا حاجة لنا في الخوض فيما عرفه هذا الإسم، وليس هو فقط بل اللائحة طويلة، من تزييف ومغالطة من قبل بعض علماء الغرب الذين نسبوا لأنفسهم مجهودات غيرهم. فعلى عكس العلماء المسلمين الذين كانوا يحرصون على ذكر مصاديرهم، فإن علماء العصور الوسطى للغرب وعصر النهضة الأوروبية كان أكثرهم حريصا على إخفاء مصاديره التي كانت جلها مؤلفات علماء الإسلام.
وبمجهودات هذا العالم، فقد تخلى المسلمون عن الأنظمة السابقة في الحساب، وغيروها بما قام به الخوارزمي وظهر لديهم نظام ترقيم موحد. وقد نتج عنه سلسلتين من الرموز، أحداها أستعملت في الشرق وتسمى "الأرقام الشرقية"، والأخرى في المغرب والأندلس وتسمى "الأرقام الغبارية" أو كما يطلق عليها "الأرقام الأوروبية؟!"
وقد برز جيل جديد من علماء الرياضيات والحساب، نذكر من بينهم على سبيل المثال لا العد: أبو كامل المصري، خليفة الخوارزمي، وعمر الخيام والبيروني وإبن سينا وسنان بن الفتح الحراني، الذي شرح في كتابه "كتاب الجمع والتفريق" كيفية إجراء عمليات الضرب والقسمة باستخدام عمليات الجمع والطرح، وإبن يونس الصدفي، الذي كانت أعماله بمثابة اللبنة الأولى للوغاريتمات، وإبن حمزة المغربي، الذي وضع الحجر الأساس لهذا الصنف من العلوم قبل أن ينسبه لنفسه السويسري "جون نابيير""
ولا ننسى أن نذكر إسم الكاشي الذي ألف موسوعة في الرياضيات والحساب سماه "مفتاح الحساب"، والذي أراد له أن يكون مرجعا في تدريس الحساب للطلاب.
خلاصة القول، فإن ما قام به علماء الحضارة الإسلامية في هذا المجال، أعطى إنطلاقة أخرى أكثر حيوية في علم الحساب؛ مما فتح الباب على مصراعيه لظهور النظريات لتألية الحساب من خلال خلق تقنيات للحساب، كتقنية شبكة الضرب.
وهذه التقنية أهميتها جد كبيرة لأنها كانت وراء ظهور أول الحواسب الميكاصداقةية ، إن شاء الله. وقد أستعملت هذه التقنية في كتاب "مفتاح الحساب" للكاشي (القرن 15م)، إلا أن تاريخ ظهورها يعتقد أنه في القرن 12م.
أما في مجال الآليات، فإن علماء الحضارة الإسلامية ذهبوا بحثا عن أبحاث هيرون والتي لم يتم إتلافها بعد تدمير الإسكندرية وقد أهدى هارون الرشيد، عام 809م أول آلية ميكاصداقةية إلى شارلوماني وكانت عبارة عن ساعة متحركة
وقد ظهر في القرن 3هـ/9م في هذا المجال أسماء لثلاث أخوة هم أبناء لموسى بن شاكر، وكان فلكيا ومنجما للخليفة المأمون. وبعد وفاة والدهم فقد تكفل بهم المأمون، حيث كلف هذا الأخير إسحاق إبن إبراهيم المصعبي بالعناية بهم ودمجهم في بيت الحكمة.
وعُرف هؤلاء الأخوة الثلاثة بإسم "بني موسى"، وكانوا يسمون محمد وأحمد والحسن. ورغم أنه من الصعب التفرقة بينهم من حيث أعمالهم، لأنهم كانوا جد متضامنين بينهم، فإن أحمد برع في مجال الميكاصداقة والآليات. وقد ألفوا كتابا من بين الكتب التي ألفوها يسمى "كتاب الحيل"، الذي جمع المعارف القديمة في مجال الآليات إضافة إلى تجاربهم وإبتكاراتهم الخاصة. وهكذا فإن مجال الآليات عرف إنتعاشة جديدة بظهور آليات أكثر تطورا وإتقانا.
وكانت علاقاتهم مع معاصريهم من العلماء طيبة ما عدى الكندي. فقد كانت بينهم وبينه مشاحنات عديدة، وقد أغروا به عند المتوكل وإستولوا على مكتبته. ولم يعيدوها له إلا بعد أن كانت حياتهم مهددة بالخطر عندما أخطأ أحمد بن كثير الفرغاني، الذين كلفوه بشق قناة تسمى الجعفري، في تحديد منسوب الماء في القناة فلم تكن تمتلئ بالماء للعمق المطلوب لأنها كانت أعلى من النهر. فهرعوا إلى سند بن علي، وكان مهندسا بارعا وصديقا للكندي، فإشترط عليهم إعادة ما أخذوه من الكندي.
وفي القرن 6هـ/12م ظهر في هذا المجال إسم بديع الزمان أبو العز إبن إسماعيل، المعروف بالجزري، كناية عن الجزيرة الواقعة بين دجلة والفرات والتي كان أحد أبنائها و قد ألف الجزرى كتاب سمي ب " رسالة الجزرى "
و في كتاب رسالة الجزاري الذي يتضمن سردا للأجهزة الآلية التي اخترعها العرب - وصفا لأحد هذه الأجهزة و التي أطلق عليها نافورة الطاووس التي كانت تستخدم لغسل الأيدي ، فتقدم المياه و الصابون و المنشفة آليا.وبسبب هذا الاختراع يطلق على الجزاري (بأبي الانسان الآلي).(انظر ويكيبيديا الانجليزية)
وقد ألف سنة 1206م كتابا سماه "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" بطلب من الملك ناصر الدين أبو الفتح، أحد ملوك ديار بكر. وقد لخص فيه بين النظريات والتطبيقات الميكاصداقةية. وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية عام 1974 من طرف المهندس البريطاني "دونالد هيل"، وقد كتب يقول: "من المستحيل عدم ذكر أهمية أعمال الجزاري في مجال الهندسة، فقد أثراه بمجموعة من التعليمات في تصميم، وصناعة وتركيب مجموعة من الآليات
وبالفعل فإن كتابه وصف فيه العديد من الآليات منها ساعات دقيقة، وآلات قياس، ونافورات ميكاصداقةية، وآلات رافعة للمياه إلى غير ذلك.
وقبل أن نختم موضوعنا في هذا المجال، فلا ننسى أن نذكر العالم تقي الدين المولود بدمشق سنة 1525م، وذلك في عصر الدولة العثمانية. وقد ألف كتابا له سماه "سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الملك الدوار". ولمعرفة المزيد عن أعماله وأعمال الجزاري فيمكن النظر في موقع "التراث الإسلامي"
وخلاصة القول، فإن الحضارة الإسلامية قدمت خدمة جليلة للإنسانية على العموم وللعلم على الخصوص؛ لكن الخلافات والحروب التي إندلعت، وسطوت الشعودة والخرافات، بدون أن ننسى عدم الإهتمام بالعلم والعلماء، جعلت هذه الحضارة غير قادرة على مواكبة الركب الحضاري.
ملخص لما سبق :
- التوسع بإستخدام العمليات الحسابية و أساليب التجارة و ظهور القانون التنظيمى للعلاقات و المسمى " قانون حمورالى " عام 1780 ق.م
- تم استخدام القطع المعدنية من الذهب و الفضة كعملات عام 70 ق.م
- تم اقرار نظام الضرائب و تحديد و ازدهار التجمع الذى يعرف بالدولة بقيادة يوليوس قيصر عام 1 م
- بداية عصر الظلام فى البلاد الأعجمية و سيطرة العرب على الأختراعات و المجالات العلمية و ترجمة بعض الكتب البابلية و اليونانية و الهندية السحيقة و تعلمها و بذلك تفوق العرب فى العلوم أدت بنهوض الحضارات الغربية اللاحقة عام 410 م
- تم استحداث الصفر فى الأرقام و تأليف المرجع العظيم و الكتاب الجليل " كتاب السندهند " و بداية ظهور صفوة الصفوة للعلماء المسلمين و على رأسهم العالم الجليل " الخوارزمى " 600 م
***** الكتاب العربى " مفتاح الحساب " للعالم الكاشى و تقنيته المعروفة بتقنية شبكة الضرب كانت الأساس العلمى وراء ظهور أول الحواسيب " الكمبيوتر " الميكاصداقةية
***** العالم العربى الجليل الجزارى اخترع " ألة نافورة الطاووس " جعلته يلقب ب (" أبو الإنسان الألى ")
الإثنين أبريل 08, 2013 4:02 am من طرف هيام حسين سعيد
» الإنضمام الي حفرة حمو
الأحد مارس 10, 2013 3:56 am من طرف هيام حسين سعيد
» التقنية الحديثة
الخميس سبتمبر 06, 2012 2:51 pm من طرف Admin
» المكونات الأساسية لجهاز الحاسوب
الخميس سبتمبر 06, 2012 2:32 pm من طرف Admin
» أثني عشرة مرحله لتعلم اللغة الإنجليزيه
الخميس سبتمبر 06, 2012 1:48 pm من طرف Admin
» عشرة دقائق تبني أجيال
الثلاثاء سبتمبر 04, 2012 3:33 pm من طرف Admin
» البناء الإستراتيجي
الثلاثاء سبتمبر 04, 2012 3:24 pm من طرف Admin
» علم نفسك بنفسك css
الأربعاء فبراير 08, 2012 6:33 am من طرف Admin
» جميع ترددات النايل سات
الإثنين يناير 23, 2012 7:03 am من طرف Admin